المقالات / شخصيات / جورج سوروس: الرجل الذي حطّم بنك إنجلترا – أسرار الأربعاء الأسود

جورج سوروس: الرجل الذي حطّم بنك إنجلترا - أسرار الأربعاء الأسود

white logo without bg 1 1
جورج سوروس يحطم بنك إنجلترا
[ez-toc]

جورج سوروس، الرجل الذي حطّم بنك إنجلترا لا يزال مُلهمًا وبريقه لا يخفت أبدًا. ففي صباحٍ رمادي من سبتمبر ١٩٩٢ وقف بنك إنجلترا – أحد أعرق البنوك المركزية في العالم – أمام عاصفة بيعٍ محمومة للجنيه الإسترليني. في بضع ساعات فقدت العملة أكثر من ١٥٪ من قيمتها، واضطرّت الحكومة البريطانية إلى الانسحاب من آلية سعر الصرف الأوروبية ولُقِّب هذا اليوم بـ“الأربعاء الأسود Black Wednesday

وراء الستار وقف مستثمرٌ هنغاري-أمريكي يُدعى جورج سوروس صاحب نظرية الانعكاسيّة. نفَّذ صفقة واحدة، في يومٍ واحد، أضافت إلى ثروته نحو مليار دولار، ومنحته الصحافة لقبًا أصبح أيقونيًّا: “الرجل الذي حطّم بنك إنجلترا”

هذه القصة ليست مجرّد ضربة حظ؛ بل هي تتويج لمسارٍ بدأ من شوارع بودابست في زمن الحرب، ومرّ بمدرجات كلية الاقتصاد في لندن، ووصل إلى قمم وول ستريت. بين طيّات هذا المسار سنكتشف:

  • كيف مزج سوروس الفلسفة بالتحليل المالي ليبتكر نظرية الانعكاسية.

  • لماذا تحوّل الهجوم على الإسترليني إلى “حالة دراسية” تُدرَّس اليوم في كل كليات الاقتصاد.

  • بأي منطقٍ يرى الرجلُ أن “الأسواق ليست عقلانية بالضرورة”، وأن أعظم مهارات المستثمر هي الاعتراف بالخطأ سريعًا.

  • كيف أصبح المضارب الشهير سوروس، في آنٍ واحد، أسطورة في الاستثمار وهدفًا لنظريات المؤامرة.

اقرأ السطور التالية لتتعرف على رجلٍ أدار أكبر صناديق التحوّط، وهزّ أسواق العملات، وخلَّف إرثًا لا يُشبههُ إلا الجدل الذي يلتفّ حول اسمه.

أشهر منصات التحليل بمزايا تحقق مفهوم الاستثمار الذكي

نشأة جورج سوروس: من بودابست إلى لندن

800px George Soros World Economic Forum Annual Meeting Davos 2010

(١) طفولة في زمن الاضطراب :

وُلِد جورج شوارْتس (اسمه الأصلي) في بودابست عام ١٩٣٠ لعائلةٍ يهودية عايشت احتلال النازيين للمجر، واضطرت إلى التنقل بهويات مزيفة هربًا من الاعتقال. رسَّخت تلك التجربة في ذهنه فكرة البقاء عبر التكيّف، وهي الفكرة ذاتها التي ستطبع لاحقًا قراراته الاستثمارية فائقة الجرأة.

(٢) لقاء الفلسفة بالاقتصاد :

في لندن التحق بـ مدرسة لندن للاقتصاد (LSE) وتأثر بالفيلسوف كارل بوبر، صاحب مفهوم المجتمع المفتوح. تشرّب سوروس مبدأ “قابلية الخطأ”؛ فالحقيقة بنظره لا تكون مطلقة أبدًا، بل تُختَبَر باستمرار. وبعد أن نال درجة الماجستير في الفلسفة عام ١٩٥٤ قرر أن ينقل هذا المنهج الاختباري إلى مسرحٍ آخر: وول ستريت.

الطريق إلى وول ستريت وتأسيس «كوانتم فند»

إدارة المخاطر داخل صندوق كوانتم جورج سوروس

استراتيجيات إدارة المخاطر داخل صندوق Quantum Fund

  • في عام ١٩٥٦ حطّ سوروس في نيويورك كمحلِّل لأسهم أوروبية، ثم شقّ طريقه عبر عدة بنوك حتى أسس عام ١٩٧٣ Soros Fund Management وأطلق صندوق Quantum Fund برأس مالٍ يقارب ١٢ مليون دولار.

  • بين ١٩٧٠ و١٩٨٠ حقّق الصندوق نموًّا فلكيًّا تجاوز ٤٢٠٠٪ في حين لم يزد مؤشر S&P 500 إلا نحو ٤٧٪ في الفترة نفسها.

  • اعتمد سوروس على أسلوب المضاربة الكلية (Global Macro): قراءة الصورة الاقتصادية الكبرى (تضخم، أسعار فائدة، سياسات نقدية) ثم رهان ثقيل على العملات والسندات والمؤشرات، بدلاً من اختيار أسهم منفردة فقط.

الأربعاء الأسود: كيف حطّم سوروس بنك إنجلترا؟

خريطة ذهنية توضح صفقة الأربعاء الأسود وانهيار الجنيه الإسترليني

ماذا حدث في ليحطم سوروس بنك إنجلترا؟

  • انضمت بريطانيا عام ١٩٩٠ إلى آلية سعر الصرف الأوروبية ERM، مُلزِمة نفسها بالحفاظ على الجنيه ضمن نطاق ضيق أمام المارك الألماني.

  • لكن مع ارتفاع الفائدة الألمانية وتحول الاقتصاد البريطاني إلى الركود، أصبح الدفاع عن الإسترليني مكلفًا؛ اضطر بنك إنجلترا لحرق مليارات الاحتياطي ورفع الفائدة إلى ١٥٪ في ساعات قليلة.

خطة سوروس :

  • سوروس رأى أن السعر “مصطنع” وأن بريطانيا ستُجبَر على التخفيض. بدأ في بناء مركز بيع هائل للجنيه عبر الاقتراض والبيع المكشوف. ومع كل تصريحٍ له بأن الدفاع عن العملة محكومٌ عليه بالفشل، انضم مضاربون آخرون، لتتحول التوقعات إلى قوة ضغطٍ حقيقية – تطبيق حيّ لنظريته في الانعكاسية.

١٦ سبتمبر ١٩٩٢: الهجوم الكامل

  • حين تأكدت الصورة أمر سوروس بمضاعفة حجم الرهان إلى ما يقرب من ١٥ مليار جنيه مستخدمًا رافعة مالية غير مسبوقة.

  • حاول البنك المركزي الدفاع، لكنه استسلم مع غروب الشمس؛ خرجت بريطانيا من ERM وانهار الإسترليني أكثر من ١٥٪.

النتائج : ماذا حقق سوروس من الأزمة؟

  • ربح سوروس نحو ١ مليار دولار في يوم واحد.

  • تراجعت شعبية حزب المحافظين، وطاردت الحكومة تُهمة إهدار أموال دافعي الضرائب في حرب خاسرة.
  • تحرر الجنيه لاحقًا، وتعافى الاقتصاد، ما جعل بعض المحللين يرون في الحدث “صدمة علاجية” رغم مرارتها.

لماذا فشل بنك إنجلترا في الدفاع عن الجنيه؟

لأن رفع الفائدة إلى 15 ٪ لم يوقف موجة البيع، فيما كانت الاحتياطيات محدودة والتكلفة السياسية عالية.

كيف ربح جورج سوروس مليار دولار في يوم واحد؟

بنى مركز بيع مكشوف للجنيه الإسترليني بنحو 15 مليار £ قبل إعلان خروج بريطانيا من ERM؛ هبطت العملة 15 ٪ فربح الفرق.

ما الدرس للمستثمرين من الأربعاء الأسود؟
الأسواق المُقيَّدة إداريًا يمكن أن تنكسر تحت ضغط المضاربة إذا تعارض الربط مع fundamentals الاقتصاد.

من آسيا إلى وادي السيليكون : كيف تعامل سوروس مع الأزمات الاقتصادية؟

(١) أزمة العملات الآسيوية ١٩٩٧ :

باع سوروس عملة تايلاند (البات) والرينغيت الماليزي على المكشوف، ما جعله عدوًّا لرئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، الذي اتهمه علنًا “بتدمير الاقتصاد” لأغراض ربحية.

(٢) فقاعة الإنترنت ١٩٩٩-٢٠٠٠ :

ركب موجة شركات التكنولوجيا ثم خفّض انكشافه قبل الانهيار، متجنبًا كارثة كاملة.

(٣) الأزمة المالية العالمية ٢٠٠٨ :

عاد من “شبه تقاعد” ليقود استثمارات دفاعية ضد فقاعة الرهن العقاري، محققًا أرباحًا معتبرة.

احصل على تجربة تعليمية فريدة عبر إحدى دوراتنا التدريبية

خسائر سوروس البارزة : الدروس التي تعلَّمها

(١) أزمة الروبل الروسي

عام 1998 تعرّض جورج سوروس لانتكاسة قاسية في أزمة الروبل الروسي؛ إذ راهن، كعادته في المضاربة الكلية Global Macro، على تدخل حكومي لحماية العملة، لكن الكرملين أعلن وقف السداد وترك الروبل ينهار. في لحظات تقلّبت السوق بلا سيولة، فتراجع Quantum Fund بنحو ملياري دولار. الدرس الذي استخلصه المضارب الشهير هو ألّا يُغامر بسيولة سندات ناشئة وقت ذعر سيادي، وأن يضبط حدود الخسارة بمجرد تغيّر معطيات الدولة المُصدِّرة.

(٢) بورصة هونغ كونغ

بعد ذلك بعام، وبين 1997 و1998، تكبّد سوروس معظم أرباحه الآسيوية حين باع بورصة هونغ كونغ على المكشوف مُعوّلاً على ضغط المضاربين، لكن حكومة الإقليم سحبت ورقة مفاجئة بشراء الأسهم مباشرة وضخ سيولة هائلة. تذكّره هذه الصفقة بأن “قوّة النار” الحكومية في الاقتصادات الآسيوية قد تنسف أفضل التحليلات الكلية، وأنّ تقدير حجم الاحتياطي الرسمي جزءٌ حاسمٌ من حساب المخاطرة.

(٣) صدمة الفرنك السويسري

أمّا صدمة الفرنك السويسري في يناير 2015 فكانت مثالاً مصغّراً على خطورة الرهان على عملة مربوطة بسقف مصرف مركزي. حين فاجأ البنك الوطني السويسري الأسواق وأطلق العملة من قيدها، تحرّك الفرنك بعنف أربك مراكز Quantum Fund وكبّد الصندوق عشرات الملايين. خرج سوروس بقاعدة إضافية: وضع حدود خسارة صارمة لأي صفقة ترتبط مباشرة بـ«تعهد شفهي» من مصرف مركزي، لأن السياسة قد تتغيّر أسرع من قدرة الصندوق على إعادة التموضع.

"سرُّ بقائي هو اعترافي بالخطأ قبل فوات الأوان."
جورج سوروس
جورج سوروس

خسائر سوروس البارزة : الدروس التي تعلَّمها

(١) أزمة الروبل الروسي

عام 1998 تعرّض جورج سوروس لانتكاسة قاسية في أزمة الروبل الروسي؛ إذ راهن، كعادته في المضاربة الكلية Global Macro، على تدخل حكومي لحماية العملة، لكن الكرملين أعلن وقف السداد وترك الروبل ينهار. في لحظات تقلّبت السوق بلا سيولة، فتراجع Quantum Fund بنحو ملياري دولار. الدرس الذي استخلصه المضارب الشهير هو ألّا يُغامر بسيولة سندات ناشئة وقت ذعر سيادي، وأن يضبط حدود الخسارة بمجرد تغيّر معطيات الدولة المُصدِّرة.

(٢) بورصة هونغ كونغ

بعد ذلك بعام، وبين 1997 و1998، تكبّد سوروس معظم أرباحه الآسيوية حين باع بورصة هونغ كونغ على المكشوف مُعوّلاً على ضغط المضاربين، لكن حكومة الإقليم سحبت ورقة مفاجئة بشراء الأسهم مباشرة وضخ سيولة هائلة. تذكّره هذه الصفقة بأن “قوّة النار” الحكومية في الاقتصادات الآسيوية قد تنسف أفضل التحليلات الكلية، وأنّ تقدير حجم الاحتياطي الرسمي جزءٌ حاسمٌ من حساب المخاطرة.

(٣) صدمة الفرنك السويسري

أمّا صدمة الفرنك السويسري في يناير 2015 فكانت مثالاً مصغّراً على خطورة الرهان على عملة مربوطة بسقف مصرف مركزي. حين فاجأ البنك الوطني السويسري الأسواق وأطلق العملة من قيدها، تحرّك الفرنك بعنف أربك مراكز Quantum Fund وكبّد الصندوق عشرات الملايين. خرج سوروس بقاعدة إضافية: وضع حدود خسارة صارمة لأي صفقة ترتبط مباشرة بـ«تعهد شفهي» من مصرف مركزي، لأن السياسة قد تتغيّر أسرع من قدرة الصندوق على إعادة التموضع.

استراتيجيات إدارة المخاطر داخل «كوانتم فند»

حجر الأساس: مخاطرة 1% من رأس المال لكل فكرة

المضارب جورج سوروس اعتمد قاعدة أن الخسارة القصوى في أي صفقة لا تتجاوز 1 % من صافي قيمة الصندوق. إذا تحرّك السوق عكسه بذلك الهامش، يُغلِق المركز أو يُنظِّفُه.

  • الموازنة الديناميكية (Dynamic Hedging): فتح مراكز تحوّط في مؤشرات معاكسة أو خيارات شراء، خصوصاً أثناء فترات التطاير العالي.

  • التنويع الجغرافي – لا القطاعي: لأن المضاربة الكليّة تتركّز في عملة وسندٍ، كان التنوّع يأتي من تعدّد الاقتصادات لا الصناعات.

  • رصد الانحراف المعياري اليومي (σ): إذا تجاوزت الحركة الفعلية ضعف الانحراف التاريخي، يَختبر سوروس صحّة فرضيته فوراً.

  • ميزانية خطر أسبوعيّة: يراجع الفريق كل جمعة «المخاطرة المجمَّعة» (Aggregate Risk) ويُعدِّل الرافعة المالية على هذا الأساس.

ومن هنا نخلص إلى أن القيمة النظرية في الأسواق تساوي صفر إن لم تُترجَم إلى خطّة خفض خسائر.

فلسفة الاستثمار: ما هي نظرية الانعكاسية وإدارة الخطأ؟

نظرية الانعكاسية ترى أن أسعار السوق لا تعكس الحقائق الاقتصادية فحسب، بل تُعيد تشكيلها؛ فتوقعات المستثمرين تؤثر في السلوك، فيتغير الواقع، ثم تعود الأسعار لتتفاعل مع الوضع الجديد. بهذا المفهوم يفسر سوروس ظهور الفقاعات والانهيارات، ويستغلها بدلًا من الخضوع لها.

المبادئ الخمسة لفلسفة جورج سوروس :

المبدأ الخلاصة مثال عملي
عدم كمال السوق
الأسعار منحازة بطبيعتها
رهان سوروس ضد الإسترليني
استراتيجية “اقتل الفريسة”
عندما تتأكد من الصفقة… هاجم
مضاعفة الرهان في ١٦ سبتمبر
قص الخسارة مبكرًا
الاعتراف بالخطأ فضيلة
الخروج من هجوم هونغ كونغ بعد تغير المعطيات
الجرأة المدروسة
كبير الربح أكبر من صغير الخطأ
مضاعفات صندوق كوانتم الفلكية
السوق مختبر الفرضيات
كل صفقة تجربة
المزج بين الحسّ والبيانات
“أنا غنيٌ لأنني أعرف متى أكون مخطئًا.”
جورج سوروس
جورج سوروس

جورج سوروس بين الإعجاب والانتقاد

كانت شخصية جورج سوروس بين نقيضين حيث وُصف بأنه “أعظم مضارب في القرن العشرين”؛ أشاد به زميله ستانلي دراكنميلر لتعليمِه الجرأة مع الانضباط. كما أنه حوّل جزءًا كبيرًا من ثروته – يقدَّر بأكثر من ٣٠ مليار دولار – إلى مؤسسته الخيرية لدعم التعليم والديمقراطية.

بينما لُقِّب في الإعلام الشعبوي بـ “مصاص دماء الاقتصاد” عقب الأربعاء الأسود وأزمة آسيا، وبعض الاقتصاديين يرونه مثالًا للمضارب الذي يصنع الأزمات لا يكتفي بالتنبؤ بها، كما أصبح هدفًا دائمًا لنظريات المؤامرة، خصوصًا في أوروبا الشرقية والولايات المتحدة

دور سوروس في الأزمات الحديثة: اليورو، البريكست، أوكرانيا

أزمة اليورو (2010-2012)

وصف سوروس منطقة اليورو بأنّها «عيب بنيوي بلا خزّان مالي موحّد». استثمر في سندات الدول الطرفية (اليونان، إسبانيا) بعد هبوطها، ثم ضغط إعلامياً لتبنّي “سندات اليورو” المشتركة.

استفتاء البريكست (2016)

اتُّهم سوروس بتمويل حملة “البقاء”؛ رغم نفيه، راهن فعلياً على انهيار الجنيه بعد نتائج التصويت، محققاً مكاسب سريعة من عقود الخيارات على الإسترليني.

الحرب الأوكرانية (2014 ثم 2022)

منحَ سوروس أوكرانيا أكثر من 200 مليون $ عبر Open Society Foundations، ودعا إلى «دعم عسكري-اقتصادي يمنع ابتلاع كييف». مالياً، قلَّص انكشافه على روسيا قبل العقوبات.

كُتب جورج سوروس

كتب جورج سوروس

جورج سوروس (المضارب الشهير الملقّب بـ«الرجل الذي حطّم بنك إنجلترا») من المفيد أن نتذكّر أنّ مؤلَّفاته ليست مجرّد صفحات عن الأسواق، بل خرائط ذهنية تكشف المنطق الذي قاده إلى ابتكار نظرية الانعكاسيّة وصياغة استراتيجيّاته داخل صندوق كوانتم واستثماراته في المضاربة الكلّية

كتبُه تُضيء كيف مزج بين الفلسفة والسياسة والمال لدعم رؤيته عن «المجتمع المفتوح» عبر مؤسسته Open Society Foundations، وتُبرِّر كيف استطاع استخدام القراءة الكليّة للاقتصاد كي يهزّ عملات كالإسترليني واليورو. هذه الخلفيّة تمنح القارئ مفاتيح فهم فكر سوروس قبل المرور على «Alchemy of Finance» أو «The Crisis of Global Capitalism» وغيرها من العناوين التي رسَّخت اسمه في سجلات أسواق المال العالمية.

“أنا لا أستثمر في ما هو، بل في ما يمكن أن يحدث.”
جورج سوروس
جورج سوروس

يؤمن جورج سوروس بفكرة «المجتمع المفتوح» التي دفعت به إلى تأسيس شبكة مؤسساته الخيرية الواسعة. في كتابه الأشهر The Alchemy of Finance (1987) صاغ نظرية الانعكاسية في عبارة: «الأسواق دائماً على خطأ، لكن أحياناً نُعرِّف الخطأ على نحو مربح».

أما The Crisis of Global Capitalism (1998) فحذر فيه من الرأسمالية غير المنضبطة قبل عقد من انهيار ليمان براذرز. 

أحدث كتبه In Defense of Open Society (2019) يدافع فيه عن الديمقراطية الليبرالية في وجه الشعبوية الصاعدة. من أقواله المتداولة: «أنا لا أستثمر فيما هو قائم، بل فيما يمكن أن يحدث عندما يخطئ الجميع في التقدير».

“أعظم فرصة تُولد حين يصرّ الجميع على رأيٍ واحد.”
جورج سوروس
جورج سوروس

مقارنة مع مضاربين كبار: جيسي ليفرمور وآخرون اليورو، البريكست، أوكرانيا

قبل أن نستعرض أوجه الشبه والاختلاف بين عمالقة المضاربة جورج سوروس الرجل الذي حطّم بنك إنجلترا في الأربعاء الأسود 1992، و-جيسي ليفرمور «الفتى العجيب» الذي دوَّخ وول ستريت مطلع القرن العشرين، و-بول تيودور جونز صاحب الرهان الشهير على الإثنين الأسود 1987 يجب أن ندرك أنّ الزمن والفلسفة التي صاغت كلَّ واحد منهم متباينة حدَّ التناقض. 

ليفرمور اعتمد على حدس حركة الأسعار اللحظي و«قراءة الشريط» لتحقيق مكاسب هائلة ثم خسائر مدمِّرة يمكنك قراءة قصته كامل من خلال هل جيسي ليفرمور عبقريًا أم مقامرًا؟ ؛ سوروس مزج فلسفة الانعكاسية بالتحليل الماكرو ليقود صناديق تحوّط Global Macro ضخمة هاجمت عملات وسياسات نقدية بكاملها؛ بينما طوّر جونز أسلوباً يجمع الإشارات الفنيّة مع إدارة مخاطر صارمة لا تتجاوز ٢ ٪ لكل مركز، فحوَّل دارته Tudor Investment إلى معيار للانضباط بين المضاربين. 

هذا التباين بين حدس الأسعار، والرؤية الكليّة، وصرامة إدارة المخاطر يُمهِّد للقارئ فهم الفروق الجوهرية في أدوات كل أسطورة وكيف انعكست على إرثهم داخل أسواق المالية.

أهم أوجه الخلافات بين المضاربين :

المقارنة جورج سوروس جيسي ليفرمور بول تيودور جونز
الفترة
1970-2025
1890-1940
1980-الآن
أشهر صفقة
الأربعاء الأسود 1992
بيع وول ستريت 1929
“الإثنين الأسود” 1987
منهج التحليل
Global Macro + انعكاسية
حركة الأسعار الخالصة
مزيج ماكرو/فني
إدارة المخاطر
قصّ الخسارة عند 1 %
مغالاة بالرافعة؛ انتهى مفلساً
حد أقصى 2 % لكل مركز
حصيلة المكاسب
ثروة > 8 مليار $ + ميراث خيري
مات مُعسَراً
يدير Tudor Investment بـ 13 مليار $

في النهاية يمكننا إجمال هذه المقارنة اختصارًا أن سوروس يمزج الفلسفة بالمال؛ بينما ليفرمور كان حدسياً صرفاً؛ وجونز يُغلِّف حدسه بنماذج كمّية.

دروس للمستثمرين ورواد الأعمال من واقع قصة جورج سوروس

  • اجمع بين التحليل الكمي والحدس.

  • تقبَّل احتمال الخطأ – سرعة التعديل أهم من الكمال النظري.

  • توقيت الدخول والخروج مفتاح العائد؛ ليست كل صفقة طويلة الأجل تُكافأ.

  • إدارة المخاطر لا تقل عن البحث عن الفرص.

  • افصل بين القناعة الفكرية والرهان المالي؛ يستطيع سوروس الدفاع عن العولمة وفي الوقت نفسه يربح من قصورها.

قصة نجاح جورج سوروس إرثٌ يتجاوز الأرقام

سواء اعتبرته عبقريًّا كسر التابوهات المالية أم مُقامرًا ضخم التأثير، لا خلاف على أن جورج سوروس أثبت قدرة الفرد، المسلَّح برؤية واضحة ورأس مال جريء، على تغيير مسار عملةٍ وطنية كاملة. تظل قصته حاضرة بوصفها درسًا في قوة الفكر، وحدود السياسات، ودهاء الأسواق. وكما قال أحد مسؤولي بنك إنجلترا بعد سنوات: “أيّ شخصٍ كان يمكنه الربح لو قرأ المعطيات جيدًا؛ سوروس فقط كان الأجرأ على التنفيذ.”

وفي النهاية .. في عالمٍ يميل إلى الفوضى، يصبح الامتحان الحقيقي للمستثمر – ولرائد الأعمال – هو القدرة على رؤية ما لا يراه الآخرون، والجرأة على اتخاذ القرار واقتناص الفرص عندما يحين الوقت. جورج سوروس فعل ذلك… فهل تفعلها أنت؟

كيف حطَّم جورج سوروس بنك إنجلترا في «الأربعاء الأسود» عام 1992؟

بنى سوروس مركز بيعٍ مكشوف للجنيه الإسترليني قُدِّر بنحو ‎15‎ مليار جنيه قبل إعلان انسحاب بريطانيا من آلية سعر الصرف الأوروبية. عندما هبطت العملة حوالى ‎15 ٪‎ في ساعات، جنى ما يقارب مليار دولار، وحصل على لقب «الرجل الذي حطّم بنك إنجلترا».

ما المقصود بنظرية الانعكاسيّة في فلسفة الاستثمار لدى جورج سوروس؟

ترى النظرية أن أسعار السوق لا تعكس الواقع الاقتصادى فحسب، بل تُشكِّله أيضاً؛ إذ تؤثر توقّعات المستثمرين في السلوك الفعلي ثم ترتدّ الأسعار لتتفاعل مع الواقع الجديد، ما يفسّر الفقاعات والانهيارات ويمنح فرصاً للمضاربة الكلّية.

ما أبرز الخسائر التي تكبّدها سوروس وما الدروس المستفادة منها؟

خسر حوالى ملياري دولار فى أزمة الروبل الروسي 1998 حين تبخّرت سيولة السندات السيادية، وفَقَد معظم أرباحه الآسيوية بعد تدخّل حكومة هونغ كونغ 1997-1998، وتضرّر من صدمة الفرنك السويسري 2015. الدرس: قصّ الخسارة سريعاً وعدم التعويل على إنقاذ حكومي غير مضمون.

كيف يدير سوروس المخاطر داخل صندوق «كوانتم فند»؟

يحدد سقف الخسارة عند ‎1 ٪‎ من صافي قيمة الصندوق لكل صفقة، ويستخدم وقف خسائر ديناميكي، ورافعة مالية مرنة، وتحوّطاً عبر عقود خيارات معاكسة، مع مراجعةٍ يوميّة للانحراف المعياري للتقلّبات.

ما دور سوروس في الأزمات الحديثة مثل اليورو، البريكست، وأوكرانيا؟

خلال أزمة اليورو 2010-2012 استثمر في سندات الدول الطرفية ودعا إلى «يوروبوند» مشترك؛ وفى استفتاء بريكست 2016 راهن على هبوط الجنيه؛ ومع حرب أوكرانيا ضخّ عبر «Open Society Foundations» أكثر من ‎200‎ مليون دولار لدعم كييف اقتصادياً وسياسياً.

ما أهم كتب جورج سوروس التى تكشف فلسفته الاستثمارية؟

أبرزها The Alchemy of Finance (1987) الذى صاغ فيه نظرية الانعكاسيّة، وThe Crisis of Global Capitalism (1998) الذى انتقد فيه الرأسمالية غير المُقيّدة، وIn Defense of Open Society (2019) الذى دافع فيه عن الديمقراطية الليبرالية.

كيف يختلف جورج سوروس عن جيسي ليفرمور وبول تيودور جونز؟

ليفرمور اعتمد حدس حركة الأسعار اللحظي مطلع القرن العشرين، بينما يجمع جونز التحليل الفني بإدارة مخاطر صارمة (حد أقصى ‎2 ٪‎ لكل مركز). سوروس يمزج الرؤية الماكرو بنظرية الانعكاسيّة ويستخدم صناديق تحوّط Global Macro لرهاناتٍ على العملات والسياسات النقدية العابرة للحدود.

المقالات ذات الصلة

اقرأ أيضًا
أبرز المقالات لدينا

بيتر لينش
جيسي ليفرمور
صورة بول فولكر على موقع وليد الحلو