سلسلة "سحرة السوق" لجاك شواغر – أسرار أفضل المتداولين

تخيّل كتابًا يكشف لك أسرار نجاح أفضل المتداولين في العالم، حيث تُروى قصص حقيقية عن متداولين حولت مبالغ بسيطة إلى ثروات طائلة؛ من حسابات تبدأ بـ30 ألف دولار وتصل إلى 80 مليون دولار، ومديري صناديق حققوا متوسط عائد سنوي يفوق 30% على مدار عقود، وحتى متداولين في عقود آجلة جمعوا مراكز تداول بقيمة تصل إلى مليارات الدولارات في يوم واحد. هذا هو عالم “سحرة السوق”، السلسلة التي جمعها جاك شواغر من خلال مقابلات معمّقة مع نخبة من أنجح المتداولين في أسواق الأسهم، والعملات، والسلع، وغيرها.
تركز السلسلة على كشف الأسرار وراء نجاح هؤلاء المتداولين؛ هل تعتمد على استراتيجيات سحرية؟ أم هي نتيجة للعلم والدراسة؟ أم أنها ترتكز على عقلية وانضباط خاصين لا يمتلكهما إلا القليل؟ يقدم جاك شواغر من خلال هذه الكتب نظرة شاملة تدمج بين التحليل الفني والتداول الكمي وإدارة المخاطر والانضباط النفسي، مما يجعلها مرجعًا لا غنى عنه لكل مستثمر يبحث عن دروس عملية مستندة إلى تجارب واقعية.
محتويات المقال
نبذة عن الكاتب جاك دي شواغر
ليس جاك شواغر مجرد كاتب عادي في مجال المال، بل هو خبير مخضرم جمع بين العمل الأكاديمي والتجارب العملية في أسواق الاستثمار. وُلد شواغر عام 1948 وحصل على ماجستير في الاقتصاد من جامعة براون المرموقة. بدأ حياته المهنية كمحلل في أسواق السلع في سبعينيات القرن الماضي، واستمر في مسيرته ليصبح مديرًا لأبحاث العقود المستقبلية في أبرز مؤسسات وول ستريت على مدار أكثر من 22 عامًا. شارك شواغر أيضًا في إدارة المحافظ الاستثمارية، حيث كان شريكًا في شركة استشارية لصناديق التحوّط في لندن ومديرًا لمحفظة صناديق استثمارية متنوعة في العقود المستقبلية والعملات. هذه الخلفية العملية الثرية منحت جاك شواغر فهمًا عميقًا لآليات الأسواق وتقنيات التداول المختلفة، مما مكنه من إجراء مقابلات مع أعظم المتداولين وتوثيق أسرار نجاحهم في سلسلة “سحرة السوق”.
فكرة كتاب "سحرة السوق"

في أواخر الثمانينيات، خطرت لــ جاك شواغر فكرة ثورية وبسيطة: لماذا لا يتعلم المستثمرون من تجارب أنجح المتداولين الحيين؟ بدلاً من الاعتماد فقط على الكتب الأكاديمية والنظريات المجردة، قرر شواغر أن يجلس مع نخبة من المتداولين ويسألهم مباشرةً عن رحلتهم في الأسواق، وعن الانتصارات والانكسارات التي واجهوها، وعن الاستراتيجيات التي استخدموها وإدارة المخاطر التي ساعدتهم على النجاة. كانت النتيجة كتاب “سحرة السوق: مقابلات مع كبار المتداولين” الذي صدر عام 1989، وجاء هذا الكتاب كنقطة تحول في فهم كيفية عمل الأسواق المالية، حيث سلط الضوء على جوانب نفسية وفلسفية لم تُذكر من قبل.
استمر شواغر في توسيع السلسلة على مدار العقود التالية، فصدر سلسلة من الكتب الخمسة التي تمتد عبر 31 عامًا، كل جزء منها يُبرز حقبة جديدة في عالم التداول ويقدم لمحات عن تجارب المتداولين بأسلوب شيّق ومثير. الفكرة الأساسية التي جمعت بين جميع أجزاء السلسلة هي تقديم دروس غير تقليدية من خلال تجارب الحياة الحقيقية لهؤلاء المتداولين، مع التركيز على أهمية إدارة المخاطر والانضباط النفسي كعناصر أساسية للنجاح.
استعراض لأهم الشخصيات في سلسلة "سحرة السوق"


(١) بول تيودور جونز

ظهر بول تيودور جونز في الكتاب الأول من السلسلة وهو يُعد من أبرز المستثمرين العالميين ومدير صندوق التحوط الشهير Tudor. اشتهر جونز بتوقعه المسبق لانهيار “الاثنين الأسود” في عام 1987، حيث باع السوق على المكشوف قبل حدوث الكارثة، مما حقق له أرباحًا ضخمة بينما كان المستثمرون الآخرون يتكبدون خسائر هائلة. يُعرف جونز بصرامته في إدارة المخاطر، إذ يؤمن بعدم المخاطرة بأكثر من 1% من رأس المال في أي صفقة. وقد ترك جونز بصمة كبيرة في عالم أسواق المال من خلال تأكيده الدائم على ضرورة الانضباط وعدم السماح للعواطف بالتدخل في قرارات التداول.
(٢) بروس كوفنر

تُعتبر قصة بروس كوفنر مثالًا حقيقيًا على التحول من حياة بسيطة إلى تحقيق ثروة ضخمة. بدأ كوفنر حياته كموتور سائق تاكسي وباحث أكاديمي قبل أن يدخل عالم التداول في وقت متأخر نسبياً. أولى صفقاته كانت بمبلغ بسيط استدانته على بطاقة ائتمان، لكنه سرعان ما أدرك أهمية إدارة المخاطر وتعلم الدروس القاسية من تجاربه المبكرة. اعتمد كوفنر فيما بعد على استراتيجيات التداول الكلي التي مكنته من وضع رهانات ناجحة على اتجاهات الاقتصاد الكلي في مختلف أنحاء العالم. أسس صندوق Caxton Associates الذي أصبح لاحقًا من أكبر صناديق التحوّط في العالم، مما جعل اسمه رمزًا للنجاح في أسواق السلع والاستثمار العالمي.
(٣) إد سيكوتا

يُعتبر إد سيكوتا أحد روّاد التداول الآلي واتّباع الترند في الأسواق المالية. ظهر سيكوتا في الكتاب الأول، حيث كان من أوائل من استخدموا أنظمة الكمبيوتر لوضع استراتيجيات تداول تعتمد على تتبع الاتجاه. نجح سيكوتا في تحويل حساب صغير إلى ثروة ضخمة، وأكد أن الجانب النفسي هو العامل الأهم في التداول. لديه مقولة شهيرة تقول: “كل متداول يحصل في النهاية على ما يريده من السوق”، مما يعكس رؤيته بأن النتائج في التداول تعكس رغباتنا الداخلية وانضباطنا. أصبح أسلوب سيكوتا نموذجًا يُحتذى به، حيث جمع بين استخدام التكنولوجيا الحديثة والالتزام بإدارة المخاطر بشكل صارم.
(٤) ريتشارد دينيس

من المعروف أن ريتشارد دينيس يُلقب بـ”أمير قاعة التداول”، وقد بدأ حياته بشبابه مع مبلغ صغير تحول إلى ثروة ضخمة خلال فترة زمنية قصيرة. اعتمد دينيس في استراتيجياته على اتباع الاتجاهات بشكل منهجي وصارم، وأثبت أن التداول مهارة يمكن تعلمها وتطبيقها بنجاح عبر التعليم الصحيح والانضباط. تجريبه الشهير مع مجموعة “السلاحف” أثبت أن حتى الأشخاص المبتدئين يمكنهم تحقيق نجاحات كبيرة إذا تم تدريبهم وفق نظام دينيس الذي يقوم على الالتزام بنظام إدارة المخاطر والانضباط في تنفيذ الصفقات.
(٥) مايكل ماركوس

بدأ مايكل ماركوس حياته برأس مال صغير حوالي 30 ألف دولار، وتمكن من تحويله إلى ثروة ضخمة تصل إلى 80 مليون دولار عبر سنوات من التداول المتقلب في أسواق السلع. اشتهر ماركوس بقدرته على تحمل المخاطر بشكل مدروس وبناء مراكز كبيرة عندما يثق بتحليله. رغم أنه واجه خسائر كبيرة في بداياته، إلا أن إصراره على التعلم من الأخطاء والتعديل المستمر لاستراتيجياته جعلاه واحدًا من أنجح المتداولين في مجاله.
(٦) ستانلي دراكنميلر
.jpg)
يُعد ستانلي دراكنميلر من كبار المستثمرين في عالم صناديق التحوّط، وقد اشتهر بشراكته الناجحة مع جورج سوروس في صفقة كسر بنك إنجلترا عام 1992. تمكن دراكنميلر من إدارة صندوقه Duquesne Capital لمدة 30 عامًا دون تسجيل سنة سلبية، مما يشير إلى مستوى عالٍ من النجاح والاتساق. يجمع أسلوبه بين الرؤية الاقتصادية الكلية والقدرة على تنفيذ الصفقات الكبيرة بمرونة وانضباط، وقد ترك سجل أداء استثنائي جعل اسمه من الأساطير في عالم التداول.
(٧) ميشيل ستينهاردت

يُعتبر ميشيل ستينهاردت أحد روّاد صناديق التحوّط في وول ستريت خلال السبعينيات والثمانينيات. أدار صندوقه الخاص Steinhardt Partners لمدة تجاوزت 21 عامًا محققًا عائدًا سنويًا يقارب 30% دون انقطاع. تميز ستينهاردت بأسلوبه الذي يعتمد على “الضربات الكبرى”؛ حيث يفضل اتخاذ عدد قليل من الصفقات الضخمة بناءً على تحليله العميق للبيانات. شخصية ستينهاردت الحادة وصراحته في اتخاذ القرارات جعلته قدوة في أسواق المال، مع التأكيد الدائم على أهمية إدارة المخاطر والانضباط في التداول.
(٨) مارتن "مارتي" شوارتز

ظهر مارتن “مارتي” شوارتز في الكتاب الأول، واشتهر بتداوله قصير الأجل في وول ستريت. انطلق شوارتز من وظيفته كمحلل مالي ليتفرغ للتداول بشكل كامل، وسرعان ما حقق شهرة واسعة بعد فوزه بمسابقة الولايات المتحدة للاستثمار بعائد تجاوز 200% في سنة واحدة. اعتمد شوارتز على التحليل الفني البسيط مثل المتوسطات المتحركة لتحديد اتجاهات السوق اليومية، مع التمسك بخطة واضحة لإيقاف الخسائر. يعتبر شوارتز مثالًا على أن الانضباط النفسي والالتزام بالخطة يمكن أن يحولا حسابًا صغيرًا إلى ثروة ضخمة.
(٩) لاري هايت

يعتبر لاري هايت من روّاد التداول المنهجي، حيث أثبت أن استخدام الأنظمة الآلية لتحليل الأسواق يمكن أن يحقق نتائج مبهرة. شارك هايت في تأسيس صندوق Mint Investment في الثمانينيات، الذي كان أول صندوق تداول آلي يتجاوز أصوله المليار دولار. يؤمن هايت بأن تحقيق الأرباح يستوجب المخاطرة المدروسة مع وضع حدود صارمة للحفاظ على رأس المال. ترك أسلوبه المتميز في إدارة المخاطر بصمة واضحة في عالم التداول، مما أكسبه احترام المجتمع المالي على مستوى وول ستريت.
(١٠) بيل ليبشوتز

يُلقب بيل ليبشوتز بـ”سلطان العملات” وهو أحد أشهر متداولي الفوركس في حقبة الثمانينات. بدأ ليبشوتز مسيرته في سوق العملات منذ أيام الجامعة، وتمكن من تحويل مبلغ صغير إلى أرباح ضخمة في وقت قصير. تعلم من تجربة الخسارة التي تعرض لها بسبب المخاطرة الزائدة وأصبح منذ ذلك الحين يولي أهمية قصوى لـ إدارة المخاطر وتحليل التحليل الفني والنفسي للسوق. قدرته على تداول مبالغ ضخمة دون أن يؤثر ذلك سلبًا على السوق جعلت منه أسطورة في عالم الفوركس.
(١١) راي دالييو

يُعد راي دالييو من أعظم الأسماء في عالم صناديق التحوّط، وهو مؤسس Bridgewater Associates – أكبر صندوق تحوّط في العالم. بدأ دالييو شركته في شقته عام 1975، وتحولت شركته إلى عملاق يُدير أصولًا تتجاوز 150 مليار دولار. تشتهر فلسفة دالييو بكونها ثورية، إذ يؤمن بأن النجاح مرتبط باتباع المبادئ الصارمة والشفافية المطلقة في الإدارة. يؤكد دالييو أن اتخاذ القرارات يجب أن يتم بناءً على تقييم موضوعي للأفكار، بعيدًا عن الانحيازات الشخصية، وأن معرفة نقاط القوة والتركيز عليها هي مفتاح النجاح. تُعد فلسفته مصدر إلهام لكل من يسعى لتحقيق التميز في أسواق المال.
دورة الأسهم الأمريكية
دورة متكاملة وفريدة من نوعها للمبتدئين والمحترفين، تعلَّم التداول في سوق الأسهم الأمريكية وصناديق الاستثمار ETFs بالسوق الأمريكي بالإضافة إلى استراتيجيات الـOptions
الإشادات والانتقادات حول سلسلة "سحرة السوق"
حققت سلسلة “سحرة السوق” نجاحًا كبيرًا وأثارت اهتمام كبار المستثمرين والمحللين في وول ستريت منذ صدور الجزء الأول عام 1989. فقد نالت السلسلة إشادة واسعة من المستثمرين المخضرمين، حيث وصفها بعضهم بأنها “واحدة من أكثر الكتب إثارة في عالم وول ستريت” لما تقدمه من رؤى عملية ونصائح قيمة في إدارة المخاطر والانضباط النفسي. وقد أثنى ريتشارد دينيس وغيره من الأساطير على قدرة شواغر في توثيق تجارب هؤلاء المتداولين بنبرة صريحة ومباشرة.
ومع ذلك، لم تخلِ السلسلة من الانتقادات. فقد أشار بعض المحللين إلى أن شواغر انتقى الحالات الناجحة فقط، مما قد يؤدي إلى انحياز البقاء (Survivorship Bias)، حيث لا يُعرض العدد الكبير ممن فشلوا في تحقيق نفس النجاحات. كما انتُقد أن بعض القصص تبدو وكأنها مسألة حظ أكثر منها مهارة قابلة للتكرار، وأن بعض المتداولين كانوا في المكان والزمان المناسبين فقط. وهناك من يرى أن غياب أسماء كبرى مثل وارن بافيت وجورج سوروس في مقابلات السلسلة يُعد نقصًا في التغطية. ورغم ذلك، فإن قيمة السلسلة تكمن في تقديمها لدروس مستفادة من تجارب حقيقية ملهمة، تُبرز أهمية إدارة المخاطر، والالتزام بالانضباط، والتعلم المستمر من الأخطاء.
سلسلة "سحرة السوق" هل يستحق ؟
إن سلسلة “سحرة السوق” لــ جاك شواغر ليست مجرد مجموعة من القصص الترفيهية، بل هي موسوعة حية لتجارب التداول التي تجمع بين العلم والفن في عالم المتداولين. تُظهر السلسلة أن النجاح في الأسواق المالية لا يتحقق من خلال وصفة سحرية واحدة، بل هو نتيجة لعدة عوامل منها الانضباط النفسي، والالتزام بـ إدارة المخاطر، وتطبيق استراتيجيات التداول الملائمة لكل فرد. تُقدم السلسلة رؤى قيمة حول كيف تمكن بعض المتداولين من تحويل حسابات صغيرة إلى ثروات ضخمة، وكيف استطاعوا مواجهة التقلبات والانهيارات المالية من خلال الالتزام بالأسس الصارمة.
تُعد قصص الشخصيات مثل بول تيودور جونز، وبروس كوفنر، وإد سيكوتا، وريتشارد دينيس، ومايكل ماركوس، وستانلي دراكنميلر، ومارتن “مارتي” شوارتز، ولاري هايت، وبيل ليبشوتز، وراي دالييو مصدر إلهام لا ينضب لكل من يسعى للدخول في عالم التداول وتحقيق النجاح. فكل قصة تُبرز منهجًا فريدًا، سواء كان يعتمد على التحليل الفني أو الكمي أو التحليل الكلي، لكنها جميعًا تتقاطع في أهمية إدارة المخاطر والانضباط في التنفيذ.
من خلال قراءة سلسلة “سحرة السوق”، يتعلم القارئ أن الأسواق ليست مجرد أرقام ورسوم بيانية، بل هي ساحة تتطلب عقلية مميزة ورؤية استراتيجية تتعدى حدود النظريات التقليدية. إن الرسالة الأساسية التي تنقلها السلسلة هي أن النجاح في التداول يأتي من التجربة والخطأ المستمر، ومن القدرة على التكيف مع تقلبات السوق، والالتزام بمبادئ لا تتغير مع الزمن.
وفي النهاية، تبقى سلسلة “سحرة السوق” شاهدة على أن عالم التداول مليء بالتحديات والفرص، وأن الشخص الذي يكتسب المعرفة من التجارب الحقيقية هو الذي يستطيع في النهاية تحقيق النجاح المستدام في الأسواق المالية. قد يكون السر في نجاح هؤلاء المتداولين هو شغفهم اللا محدود، والتزامهم الثابت، وقدرتهم على تحويل الأخطاء إلى فرص للتعلم، فكلما تعلمت أكثر، كلما زادت فرصك في أن تصبح من “سحرة السوق” الجدد.